مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الدبلوماسية العمانية وصناعة السلام خلال مسيرة نصف قرن

3

كتب – سمير عبد الشكور:

على مدى قرابة خمسة عقود من مسيرة النهضة العُمانية الحديثة وبناء الدولة العصرية، فقد أصبح لسلطنة عُمان سياسة خارجية واضحة الملامح تتسم بالتوازن والحياد الإيجابي والتركيز على البعد الإنساني في العلاقات الدولية والسلم الدولي، وأن السلام والاستقرار لا يصنعه سوى تقريب وجهات النظر والحوار، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، يظل كذلك أمرا محوريا واستراتيجيا في هذه السياسة، وفي مقابله عدم السماح للأطراف الأخرى بالتدخل في الشأن الداخلي العماني.

هذه السياسة التي وجدت الاهتمام الكبير والرعاية من السلطان قابوس بن سعيد كانت تضع في المقام الأول مصلحة الدولة والإنسان العماني وأن يعيش الشعب في أمان وسلام، وأن التكامل الإنساني والاقتصادي هو أقرب الطرق إلى التعايش في العالم المعاصر؛ فهو علامة المدنية والتحضر والإنسانية.

قد يهمك ايضاً:

مجلس سيدات أعمال أبوظبي يبحث فرص التعاون مع 8 مجالس للأعمال

“غرفة أبوظبي” شريكاً حكومياً استراتيجياً لـ…

لقد بنت سلطنة عُمان رؤيتها للسياسة الخارجية اعتمادا على تراث متراكم وإرث حضاري، ومن ثم تلك الرؤية العميقة للقيادة السياسية الذي عمل على التوفيق بين ذلك الإرث التاريخي ومعطيات الراهن بالنظر إلى العوامل الجديدة ومستجدات الحياة المعاصرة، وقد تكلل عن ذلك مفاهيم وقيم راسخة وثابتة من المبادئ التي تأسس عليها النهج العماني الذي يمكن الاصطلاح عليه بـ “دبلوماسية السلام”.

يشير هذا المصطلح الذي يميز السياسة العُمانية إلى سياسة ترغب في التعايش الإنساني بين جميع دول العالم من خلال الاحترام المتبادل، والتعاون لأجل خير ومصلحة الجميع، بحيث يعرف كل طرف من الأطراف ما له وما عليه، ولا بد أن المستقبل دائما يكون للخيارات السلمية التي تقوم على البعد التكاملي في إنجاز المصالح من خلال الأمور ذات الاهتمام المشترك بين شعوب العالم.

وتشير دراسات سياسية إلى أن “دبلوماسية السلام العُمانية” أصبحت اليوم علامة مميزة لسلطنة عمان، يشار إليها وترغب بعض الدول في الاستزادة منها معرفة، للتعرف على سياستها من خلال النهج الواضح والملموس على صعيد الممارسة الواقعية.

إن هذا الطريق والمسار لم يتأسس إلا وفق إرادة واعية ونهج سديد عمل طوال العقود الماضية على أن يكون لعُمان بصمتها الخاصة في الأدبيات الدولية في مجالات السياسة، وهذا نابع من إدراك القيادة السياسية أن السبيل الوحيد للوحدة الإنسانية هو الإيمان بقوة التنوع وأن الاختلاف في الثقافات والأفكار والقيم لا يعني التشرذم، بقدر ما يشير إلى عناصر التلاقي الذي يمكن أن يتم من خلال الوعي بهذا الاختلاف.

اترك رد