مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الإيرانيون ينتصرون على أكثر مرض مُعد مُسبِّب للعمى في العالم

4

كتب: عبد الرحمن هاشم

صدَّقت منظمة الصحة العالمية على التخلص من التراخوما بوصفها إحدى مشكلات الصحة العامة في جمهورية إيران الإسلامية. وبتحقيق هذا الإنجاز المهم، تصبح إيران ثالث بلد في إقليم المنظمة لشرق المتوسط يتغلب على هذا المرض الذي دام قروناً من الزمن، بعد عُمان في عام 2012 والمغرب في عام 2016.

صرح الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، قائلاً: “يسرّ المنظمة أنها دعمت جمهورية إيران الإسلامية من خلال عملية التصديق على التخلص من المرض. ولكن هذا الإنجاز تحقق بفضل حكومة جمهورية إيران الإسلامية وشعبها، الذين عملوا بلا كلل على مدى عقود من الزمن للتخلص من التراخوما بوصفها أحد أسباب العمى الذي يمكن الوقاية منه وللتغلب على معاناة لا مبرر لها”.

المعركة الطويلة

كانت التراخوما سبباً رئيسياً من أسباب ضعف البصر في جمهورية إيران الإسلامية في العقود الأولى من القرن العشرين.

وفي عام 1959، أُصيب ثلثا السكان بهذا المرض في المناطق الريفية من مقاطعة ملاير.  وأظهر مسح أُجري في مقاطعة دزفول في عام1961 أنَّ 91% من الناس مصابون بهذا المرض، منهم 62% مصابون بالمرض في حالته النشطة (الالتهابيّة). وفي ذلك الوقت، كان معدل الانتشار في العاصمة طهران يتراوح بين 30% و40%.

وفي عام 1972، طُرح مرهم التيتراسايكلين باعتباره دواءً أساسياً في المرافق الصحية الإيرانية، وكان يُقدَّم مجاناً للمحتاجين إلى علاج التراخوما النشطة.

وتلقى أطباء العيون خلال برامج الأطباء المقيمين تدريباً على القيام بالمعالجة الجراحية للشَّعْرة، وهي الشكل المتقدم المُهدِّد بفقد البصر من التراخوما. واشتركت وزارة الصحة والتعليم الطبي ووزارة التعليم في تصميم حملات تثقيف صحي، بما في ذلك رسائل عن غسل اليدين والوجه، ونُفِّذت هذه الحملات في إطار مبادرات واسعة النطاق لتحسين النظافة الشخصية في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية.

وقال الدكتور حسن قاضي زاده هاشمي، معالي وزير الصحة والتعليم الطبي في جمهورية إيران الإسلامية: “في عام 2003، وفي إطار المساعي الرامية إلى تسريع التخلص من المرض التي تُعدّ العناية الشخصية بالصحة أحد مكوناتها، قدمنا برنامجاً لزيادة الوعي في أكثر من 20 ألف مدرسة في المناطق والمحليات المتوطن فيها المرض. وقد أفاد ذلك مناطق بأكملها من خلال تحسين صحة الطلاب والعاملين في المدارس والآباء والمجتمعات المحلية”.

وبالتوازي مع ذلك، خصَّصت اللجنة التوجيهية لبرنامج المياه الوطني – وهي لجنة مشتركة بين وزارة الطاقة ومركز الصحة البيئية التابع لوزارة الصحة والتعليم الطبي – 500 مليون دولار أمريكي لتحسين إمدادات المياه وشبكات المجاري في المناطق النائية.

قد يهمك ايضاً:

التقدم نحو النجاح

في عام 2004، أُجريت تقييمات في مناطق ريفية بأربع محافظات (بوشهر، وكرمان، وهرمزغان، وسيستان وبلوشستان) تقع في جنوب جمهورية إيران الإسلامية، وهي آخر المناطق التي كانت التراخوما تُمثِّل فيها مشكلة. وأظهرت هذه المسوح أنَّ تلك المناطق تكاد تخلو تماماً من المرض. ولم تظهر التراخوما النشطة إلا في سيستان وبلوشستان، حيث كانت نسبة الأطفال المصابين بالمرض أقل من 1%.

وفي عامي 2012-2013، أُعيد تقدير نسبة انتشار التراخوما بين الأطفال فبلغت 0.6% بناءً على دراسة سكانية لمعدل الانتشار في المناطق الريفية في محافظة سيستان وبلوشستان.

وقال الدكتور سيد فرزاد محمدي، المنسق الوطني لصحة العيون والوقاية من العمى ومكافحة التراخوما: “لقد توقعنا أن نرى انخفاضاً كبيراً في معدل انتشار التراخوما. وكنا نعلم أن معدل سراية التراخوما قد انخفض. ونحن على يقين من أن ذلك يرجع جزئياً إلى تحسين إتاحة إ‫مدادات المياه والإصحاح: أشارت بيانات برنامج الرصد المشترك بين اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية لعام 2015 إلى أن نحو92% من الأسر في المناطق الريفية يحصلون على مياه شرب مُحسَّنة، وأن نحو 100% من هذه الأسر لديها وسائل إصحاح مُحسَّنة”.

وقد طُبِّقت خطط مناسبة لضمان استمرار تقديم الخدمات إلى الأفراد الذين قد يعانون من مضاعفات التراخوما في مراحل لاحقة من حياتهم. وقد استُوفيت جميع معايير التصديق على التخلص من التراخوما بوصفها إحدى مشكلات الصحة العامة.

مرض التراخوما

تنتشر التراخوما – وهي مرض مُدمِّر من أمراض العيون ينجم عن العدوى ببكتيريا المُتدثِّرة الحثريّة – من خلال ملامسة إفرازات العين أو الأنف المُعدية، إما بشكل مباشر من شخص لآخر، أو بواسطة الذباب. وتنجم التراخوما النشطة (الالتهابية) عن العدوى، وهي شائعة بين الأطفال في سن ما قبل الالتحاق بالمدرسة. ويزيد عدد النساء اللاتي يفقدن بصرهن عن عدد الرجال بمقدار أربعة أضعاف، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مخالطتهن للأطفال المصابين عن كثب.

وترتبط سراية المرض بتدني الإصحاح والنظافة الشخصية، مما يزيد من إفرازات العين ويبعث على تكاثر الذباب.

التخلص من التراخوما في العالم بحلول عام 2020

في عام 1996، أطلقت المنظمة تحالف منظمة الصحة العالمية من أجل التخلص من التراخوما في العالم بحلول عام 2020(GET2020). وبالتعاون مع شركاء آخرين في هذا التحالف، تدعم المنظمة التنفيذ القُطْري لاستراتيجية جراحة الأهداب والمضادات الحيوية ونظافة الوجه وتحسين البيئة (SAFE)، كما تدعم تعزيز القدرات الوطنية من خلال التقييم الوبائي والرصد والترصد وتقييم المشروعات وتعبئة الموارد.

والتدخلات الرامية إلى التخلص من التراخوما غير مكلفة، وبسيطة، وذات مردودية كبيرة للغاية، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل العائد الاقتصادي الصافي.

اترك رد