مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الأبيض …لون الصمت ..قصة قصيرة

5

بقلم – محمد جلال:

قد يهمك ايضاً:

مني تشهد ضد دينا فؤاد في حق عرب الحلقه ١٦

أنتصف ليل القاهرة ، سكون غامض يخيم على الشقة الغافية على ضفة النيل الساهر ،على شاشة التلفاز تتقافز مشاهد مكررة من فيلم عربي قديم، بلا اكتراث تحدق في الشاشة ، جدران الشقة بيضاء ، عارية من اية تفاصيل، كما لو كانت متتالية كئيبة من الفراغ اللانهائي.
تستفيق من سباتها العميق على صوت صراخ صغير، تهرول الى غرفة رضيعها ، تضمه الى صدرها ، تهدهده ، لوهلة تشعر كما لو كان هو من يهدهدها ،يخلد مجددا الى النوم وتعود هي الى الصالة ، ينبعث من المطبخ ضوء ازرق خافت ،بخطى متثاقلة تمضي الى هناك ، شاب ثلاثيني انحسر الشعر عن مقدمة راسه يقف امام الثلاجة، يتناول كوبا من الماء بيده اليمني بينما غابت اليسرى اسفل كرشه الصغيرفي نوبة هرش محمومة ، يلتفت اليها والكوب في يده ،بنبرة يخالجها النعاس يسألها “لسه صاحية؟” …تحدق في ملامحه باستغراب كما لو كانت تراه للمرة الاولى …لاترد.
كأن شيئا لم يحدث ، يتمطى ويتثاءب ويستدير متوجها الى غرفة النوم مرة أخرى، تطفىء هي انوار الصالة وتمضي الى الشرفة ، تتمدد على مقعدها الاثير المبطن بالقطيفة الحمراء،على الجانبين أصص من الفخار ملأى بأزهار النرجس والليلاك والسوسن، الازهار عطشى ذابلة و السماء غائمة مقبضة …تكاد تكون خالية من النجوم ..الا من نجمة وحيدة بعيدة…تهب دفقة هواء شتوية مباغتة على الشرفة ، ينكشف ردائها الأبيض الشفاف عن ساقيها المصقولتين ،لسبب غير معلوم تتركهما عاريتان، ينفرج طرفي ثوبها عن صدرها المكتنز المفعم بالحياة، تحاول احكام الرداء على نهديها ،تشعر بحرارة لافحة تسري فيهما ،تقبض عليهما بقوة ، تعتصرهما ، ينتفض جسدها في رجفة شديدة ممزوجة بخدر لذيذ، تزفر بقوة وتميل براسها للوراء ،تلوح منها التفاتة الى النجمة الوحيدة البعيدة، يخيل اليها كما لو أن النجمة تومض لها ، ربما تحاول ان تواسيها ..تبتسم …وعيناها تغالبان البكاء.
تمت

اترك رد