مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

إشكالية الأحزاب السياسية فى مصر

2

بقلم دكتور- هشام فخر الدين

تعد حالة الأحزاب السياسية من حيث القوة أو الضعف مؤشراً على حالة النظام السياسى ودرجة تطوره فى أية دولة، فالأحزاب تلعب دوراً هاماً فى تدعيم الممارسه الديمقراطية باعتبارها همزة الوصل بين الحكام والمحكومين، بما يسمح بتنشيط الحياة الحزبية، وتعميق المشاركة السياسية للمواطنين. وللأحزاب السياسية جذور عميقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث نشأت وتطورت بتطور مفهوم الدولة ذاته، وظهرت البدايات الأولى للحياة الحزبية المصرية مع نهاية القرن التاسع عشر، ثم برزت وتبلورت بعد ذلك خلال القرن العشرين.

ولا شك أن الحياة السياسية فى مصر تعبر عنها الأحزاب ، إلا أنها تعانى من الضعف و التشوش نتيجة العدد الهائل للأحزاب فى مصر والذى لا فائدة منه، ذلك العدد الذى تعدى ال 100 حزب، إلا أنها كالعدد فى الليمون، فيكاد يكون دورها فى الحياة السياسية معدوم مجرد أسماء فقط ، على الرغم من دعم القيادة السياسية لدور الأحزاب فى الحياة السياسية وممارسة دورها السياسى.

والحزب تنظيم سياسي يسعى إلى بلوغ السلطة السياسية داخل الحكومة، والأحزاب السياسية كثيراً ما تتبنى أيديولوجية معينة ورؤى، ولكن يمكن أيضا أن تمثل التحالف بين المصالح المتباينة.

فمعظم الأحزاب السياسية المصرية سعت دائماً للوصول إلى السلطة من أجل تنفيذ برنامجها السياسي، إلا أنها لم تتمكن من نشر الحياة السياسية بحسب المطلوب منها.

قد يهمك ايضاً:

تحليل سوات والحياة اليومية للمواطن

انور ابو الخير يكتب: لا شيء يستحق الحداد

حيث تقاس حيوية الحياة السياسية ليس فقط بالتعددية الحزبية، وإنما أيضا بحيوية الأحزاب الموجودة. ويقصد بالحيوية قدرتها على التأثير في مجريات السياسات العامة، واتصالها بالجماهير بشكل مستدام ومبادرتها في تقديم حلول للمشكلات التي تواجه المجتمع. ومن المنطقى  أن يعقب أية تحولات سياسية ظهور أحزاب جديدة وأفول أحزاب قديمة، بحيث يسفر المشهد السياسي  عن انتعاشة حزبية،  تعبر عن نفسها في عدد كبير من الأحزاب السياسية.

وعندما كان نظام الحزب الواحد قد تهاوى في معظم دول العالم الثالث والأقطاب اليسارية عقب سقوط نظم سياسية اشتراكية تأثرت بها العديد من دول العالم، بالإضافة إلى تمدد موجات ما أطلق عليه الربيع العربي منذ ٢٠١١ وحتى الآن، والذى تحول إلى شتاء مظلم فى العديد من الدول العربية ، فقد صار لدينا خليط من الأحزاب التاريخية والأحزاب الوليدة الحديثة، والتى تخلو من ملامح التوجهات السياسية التقليدية، حيث من الصعب أن نطلق عليها يسارية أو يمنية أو وسط، إذ تميل معظمها إلى اعتناق أفكار سياسية ذات طبيعة “قومية”، حيث انعكس ذلك في أسمائها التي تحمل كلمة “وطن” أو “ثورة” أو “شعب” أو “مصر”.

ومن ثم غاب عنها اللون السياسي “الأيديولوجي” الذي ما يميز عادة الأحزاب السياسية في كل دول العالم، فأصبح لدينا ما يمكن أن نسميه ب”الأحزاب المكررة”.

ومن هنا تعالت الأصوات لضم ودمج بعض تلك الأحزاب وتقليل هذا العدد الهائل وتوحيد الأهداف والتوجهات لخدمة الوطن، لتكوين كتلة أكثرية “حزبية” عُرفت باسم “ائتلاف دعم مصر”، وهو ائتلاف تشكل تحت قبة مجلس النواب، ولم يمتد إلى داخل الأحزاب التي شكلته، وأصبحت جزءًا عضويًا منه، مثلما لم يمتد إلى الشارع السياسي. واللافت للانتباه أن الائتلاف السياسي ضم بين طياته بعض المستقلين من خارج الأحزاب السياسية.

وكان من المفترض أن يكون ائتلاف دعم مصر الحاضنة الأكثر ملاءمة سياسيًا للأحزاب المتشابهة التي لا ترى إمكانية أو رغبة في الانصهار مع أحزاب أخرى حتى وإن كانت متشابهة.

وما لبث أن تراجع لنجد عملية انصهار أخرى لم تعرفها الممارسة السياسية الحزبية، ف للمرة الأولى نشهد حراكًا سياسيياً حزبياً، فى مجلس النواب  يفسح المجال، لإنتقال نواب من حزب لحزب آخر في نفس الدورة البرلمانية على عكس ما  تنص عليه لائحة المجلس.

وجميعها تنقلات سبب ارتباكاً  فى الحياة السياسية والحزبية سواء تحت القبة وفي الشارع السياسي، حيث شهدت استقطابات حزبية، حيث إن  إدارة مخاطر ارتباك الحياة السياسية الحزبية في مصر، لا تحلها أفكار الدمج أو الإلغاء أو الاستبعاد؛ ف مثل هذه القرارات ستؤدي حتماً إلى شكل من أشكال “الصراع الحزبي”.

 

 

 

اترك رد