مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : نفاد القلوب الصادقة

14

اعتذر عن هذا العنوان فلقد اختلف الزمان وتغير المكان حتى اختلفت اطباع البشر ما بين الأمس حتى يومنا هذا و تغير كل شيء حتى وصل مذاق القلوب السوداء المزيفة في اختراع أمور تقضي بشكل نهائي على القلب الحقيقي الذي يغشى ان يأت الأذى على القلوب البيضاء حتى أصبحنا نعيش واقع مرير في زمن ضرير نظراً إلى الزمن الذي أصبح لا يرى جيدا المحترم بعينيه لدرجة لا أحد يستطيع أن يمدح بالآخر ولهذا السبب نحن في زمن نفاد القلوب الصادقة حيث وصلنا إلى إرهاق كلي لمجتمعنا الذي به القلوب السوداء المزيفة والتي تحمل الطابع غير الحقيقي في هذه الحياة التي حقائقها أصبحت مزيفة كالصاحب المزيف الذي لا يبتسم وراء الصاحب الذي يحمل من البراءة إلا ومصلحته المتطلب الأول والأخير والتي هي أمثل بطعنة خنجر وراء ظهر الصديق الحقيقي فالناس تختلف من حيث لون بشرتها وإهتمامها بالجمال الخارجى ولكن تختلف في قلوبها فهناك الطيب والخبيث وأصحاب القلوب البيضاء الطاهرة والسوداء الخبيثة فصلاح القلوب من صلاح الأعمال وكذلك فسادها والدين لا يدعو إلا إلى النقاء والثبات على الحق و أن يجد الانسان نفسه يعيش في غربة المكان والنفس معا وسط الناس وبين من نحترم ونقدر وفي النهاية نكتشف اننا لسنا بينهم ولسنا معهم وما أصعب أن يخيب أملنا اولئك الذين راهنا عليهم يوما ما لاعتقادنا ان شهامتهم تفوق كل التصورات لنجدهم جاحدي لأي معنى من معاني الانسانية ناكرين للمواقف الجميلة وذلك لانهم يحملون بين أضلعهم قلوبا قاسية لا مكان فيها للمعاني الانسانية والراقية فلا أحد منا لم يذق طعم القسوة أو لم يشعر بها فغالبيتنا تعرضنا لمواقف في الحياة بأختلاف شدتها شعرنا من خلالها بقسوة الزمن وقسوة من تسبب بألمنا فكم من أسرة تشتت بسبب قسوة أحد أفرادها على الاخر وكم سمعنا عن أرباب أسر طغوا على أولادهم بانفعالاتهم وعصبيتهم وعدم تحكمهم بغضبهم وتسببوا بتدمير اسرهم واولادهم بسبب قلوبهم القاسية التي لا تعرف للعاطفة واللين والرحمة أي معنى
فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) فعندما قرر وقضى أمره الله سبحانه وتعالى أن أخرج الي العالم رأيت ناس لهم قلوب ليست كاقلوبنا ورأيت ناس لهم نفوس ليست كانفوسنا فقد تألمت فى نفسى وعانيت من انا قلوبهم لا تشعر بما تشعر به قلوبنا فلا تحس لون الجمال المتصل بمظاهر الحياة الاجتماعية والخلق ولا تتأثر بضروب الأحداث التى تختلف فى هذا الوجود ولا تخفق لآيات الله فى السموات والأرض ولا لآياته المطوية فى كر العصور وعبر الدهور
قد أشعر بغبطة عندما كنت أتعامل مع هؤلاء الناس وربما بعض الأهل فكنت أحس فى طوايا نفسى ما كان يصرفنى عن الاهتمام بشئونهم فأتعجب لهم ولتصرفاتهم وأفعالهم وأمورهم وقد أحس فى نفسى بأنهم شركاء لى فى الحياة ولكن يخجلنى البقاء معهم كنت أؤمن بطهارة العلاقات النظيفة التى لا تحمل مصالح معينة وخصوصاً من جانبي لكنى فوجئت بتعاسة وخيبة أمل وحقد وكراهية عمياء فصدمت بصدمة بالغة حيث رأيتهم وسمعتهم يسيرون على خلاف ما كنت أظن لقد أفسدوا هؤلاء جو الحياة الاجتماعية فأصبحت نفوسهم كالرماد لا تتنفس إلا الشر والضيق والضجر فأننى أعتقد أن صدورهم لم ينفث عنهم الطهر والسموم أصبحوا متهدمين الأركان متخلخلين ومتبعثرين فى أبشع صور توصف بهم فقد أصموا آذانهم فهم ليسوا على استعداد للاستماع إلى الحق وكلام الحق لا يروا إلا أنفسهم فقط كالمتوحدين تماماً مما جعل ألسنتهم أخرست وليسوا على استعداد للنقاش فعموا أبصارهم فلا يرون الحق ولا العدل فأصبحوا وراء سجون من السواد يدهشنى ويجيش فى نفسى هؤلاء الناس الذين كلما راقبت تصرفاتهم وأفعالهم السيئة والرديئة فى الحياة قد تموت غماً هؤلاء الناس يسببون متاعب للآخرين وهذا سببه والحقد والغباء والكراهية والجهل التى نهى عنها الله (سبحانه وتعالى)
إن الإنسان الذى لا يعى مشاعر وأحاسيس الآخرين من الناس فى معاملتهم فهو مخالف للواقع الاجتماعي وهذا بسبب تصرفاتهم فى عدم تدبر نتائج أفعالهم
فهل نحن فى غابة يفترس فيها الكبير الصغير لقد أصبحت الدنيا سوق كبير تجد فيه الخير والشر صاحب الخلق الدامس والردئ الحقير والنبيل وصاحب الحق والكل يقع فى مستنقع الحياة الكل يرى الحياة بما تروق له نفسه ولا يعرف أن الله رقيب عليهم يسمع ويرى وأن هناك حساب ينتظر ومنتظر كل شخص أخطأ فى حق غيره دون سبب وعما فعله ويفعله فى دنياه ألا يتعظ هؤلاء أصحاب النفوس السيئة عما فعلوه ويفعلوه ألا يتعظ هؤلاء من ذاك اليوم الذى يأتى إما قريب أو بعيد فلا محال فهو فى الطريق إلينا ألا تتوب هذه القلوب السوداء العمياء وترجع إلى الله عما أساءت للآخرين
فأصحاب القلوب الطيبة مطمئنون بذكر الله بل يدعون الله بألا يجعل في قلوبهم غلا للذين أمنوا لأنهم يرمون بالأحقاد والغل والحسد جانباً ويتعاملون بنقاء وصفاء بلا تكلف ولا تملق ويتصفون بالتسامح فمشاعرهم رقيقة يتفاعلون مع المحيطين بهم فى أفراحهم وأحزانهم ويتميزون بالشفافية فهم واضحون في كلامهم وتصرفاتهم ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة أما أسود القلب فحدث ولا حرج ستجده حولك دائماً يهددك ويتوعدك و ينظر إليك بعين ناقمة تفتش عن العيوب وتنبش عن المساوئ حتى أنه إن وقعت عينه على شخص يحمل أخلاقاً حسنة متعددة ولكن لديه خصلة سيئة واحدة فهو وقع على ضالته وفضحه وأسوأ الناس شخصاً إن جلست معه رأيته يذم كل من تذكره أمامه في غيبته ويمدح نفسه فهو يمتلك قلبا إمتلأ حقداً وغلا حتى إن رأى نعمة عند غيره لا يهدأ إلا إذا زالت عنه وتصرفات الآخرين دائما يحملها على الجانب السلبى فليس في قلبه حسن الظن بالناس حتى لو سمع كلمة تحتمل المعنيين اقتنص المعنى الأسوأ عكس صاحب القلب الكبير الذى يفسر ما يسمعه على الخير فالقلب الاسود نار مشتعلة نتنة الرائحة تراه لايرق قلبه لحادث ولا يهش وجهه لحديث ولا يلين جانبه لمن يشتكى بل يحرم الناس معه حقوقهم ويؤخر معاملاتهم وكأن الأمر طبيعي فهو صندوق مغلق لا يعطيك أى شىء كامل ظنا منه أن هذه الأشياء ملك له وإن حصلت عليها تتفوق عليه وأصبحت تملك اليد العليا وبالتالي يمكنك إلحاق الأذى به والقلوب السوداء ألاعيبهم وأكاذيبهم واقعهم الذى يعيشون فيه فلديهم قناعة ثابتة بأن الكل يدين لهم بشيئ وأنهم يستحقون كل ما هو إيجابى وجميل في الحياة ولا يظهرون الحب والإحترام لك يتلاعبون بك وبمن حولهم لتحقيق أهدافهم في الحياة بغض النظر عن هذه الأهداف ونوعيتها فأنت وغيرك لاتعنى لهم شيئا لأنهم يملكون ثقة مفرطة في أنفسهم لدرجة الغرور بل يقدرون قيمتهم بشكل مبالغ فيه ويتعاملون معك ومع غيرك بعقدة الفوقية لذا يحاولون الحصول على كل الإهتمام من الآخرين لحاجتهم للظهور تحت الأضواء دائماً
أحذر أن تكون متغيراً في طباعك معاديا من سالمك كارها من أحبك مدمراً من بناك فاضحاً لمن أئتمنك أحذرك من محاسبة الآخرين بدون محاسبة نفسك وأمنح الآخرين فرصاً فالله منحك التوبة ولا تكن قاضياً جلاداً ولاتغتر بقوتك ولا بمنصبك ولا بأهللك ولا بمالك فما أنت إلا مخلوق من ماء مهين وتصبح جيفة قذرة تأكلها ديدان الأرض وتهرب منها أبناؤك
لا تكن حاقداً ولاتتمنى زوال النعمة فالله المانح المعطى سله يعطيك من خزائنه
أتقي الله في نفسك وفي الآخرين وكن سمحاً
ولنتذكر دائما كلام الله تعالى”ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها”

التعليقات مغلقة.