مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : النفاق عندهم سيد الأخلاق

4

 

قد يهمك ايضاً:

الربان وسام هركي : الشعب هو المتحكم و المراقب الأول و…

جزارة ابو عجوة تحارب الغلاء وتضرب رقم قياسي بسعر اللحمة…

نحن نمر بزمن ظهرت به ظاهرة غربية ما كانت من طبائع المصريين في السابق
الا وهي النفاق فانتشرت كانتشار النار فى الهشيم وسألت نفسى فى لحظة صدق
لماذا ينافق الناس بعضهم البعض؟ ولماذا النفاق أصبح من المهارات التى يتمتع بها معظم الناس؟
قلت لنفسى الحل السحرى ما دمت أنا أنافق إذن أنا موجود
فنحن فى زمن لا يعلو فيه صوت فوق صوت مصلحجية النفاق فالنفاق أصبح لغة العصر والشعار الذى يرفعه كثير من الناس لدرجة أن النفاق بين بعض الناس أصبح كسريان الدم فى العروق زمن باتت تحكمه المادة والمصالح الشخصية الضيقة بدلاً من القيم والمعايير والأخلاق صاحبة الكفة الأثقل في ميزان التميز والتحضر غدت مشاعرنا أسيرة بزنزانة المصالح وصارت أحاسيسنا حبيسة مع ما نطلقه من زفرات توحي بالألم مما آلت إليه تصاريف الحياة من غياب للعواطف والمشاعر الصادقة التي فطر عليها الناس
لقد اشرأب النفاق في النفوس وتعددت ألوانه وصوره وأخذ يطل علينا من كل جانب وكأنه رؤوس الشياطين وتطور لدرجة أنه أصبح شكل في هذه الحياة التي نعيش فواصل جامدة وأصبح الإنسان معها بأكثر من شخصية وفي داخله تناقضات تقتسم النفس لحساب المصالح والشهوات والمال ..الخ
لقد كان المنافق في الماضي حريصاً على التخفي لأنه يدرك مدى شناعة فعله أما اليوم فقد صار النفاق حرفة تصلب معها وجه المنافق وانعدم حياؤه وبانت صفاقته مما يكتسب من وراءها العديد من المنافع سواء كانت مالية او أجتماعية او سياسية لدرجة أنه أصبح لامعاً بهذه الصفة المشينة و استشراء النفاق في تعاملاتنا اليومية وتغلغله في معظم مفاصل حياتنا الوظيفية والاجتماعية فهذا موظف لا يكتفي بالسكوت عن الباطل بل لا يفتأ يزينه ويبحث له عن المسوغات تزلفاً منه ونفاقاً وإضرارا بالناس وذاك آخر يزور الحقيقة ويشوه صورتها رغبة منه بترقية أو رهبة من مسؤول
والكثير من الناس يقابل بعضهم بعضاً بالفرح والابتسام حتى إذا أعطى كل
واحد ظهره للآخر كال له من الشتائم أنواعاً ومن القبائح أصنافاً ومن السخرية ألوانا للمجاملات أو قل مصالح وسياسات غير أنها في حقيقة الأمر لا تخرج عن خلق النفاق والمنافقين وتحكي صورة تدمي القلب عن تردي أخلاقنا وهبوط علاقاتنا وتعاملاتنا إلى درجة أصبح معها النفاق خلقا مقبولا لا نستطيع إنكاره أو الاعتذار عنه فضلا عن رفضه وإزالته من قاموسنا
فالنفاق أصبح هذه الأيام سلوكاً يطبع تصرفات الكثير من الأشخاص الذين اقتنعوا بأنه السبيل الأمثل للوصول إلى مقاصدهم من هبات و ترقيات وتعزيز مكانتهم الوظيفية داخل المجتمع او داخل المؤسسات التي يعملون فيها وأصبح عملة رائجة في مواقع المجتمع و العمل الوظيفي بل صار موجة يركبها الكثيرون
ولكن حبل الكذب قصير ولكن من الأفضل أن يتمسك الإنسان الملتزم بقناعاته ومبادئه حتى لا يلجأ إلى هذا الأسلوب لاسيما في مجال العمل لأن التمسك بالمبادئ يؤدي إلى كسب الإنسان الاحترام والتقدير من قبل الزملاء والمسؤولين ومع الانتشار الرهيب لهذه الآفة التي باتت تنخر كيانات حياتنا لم يعد من الصعب معها الكشف عن علامات المنافق سواء كان موظفاً أو غير ذلك منها ميوع الشخصية وعدم الثبات في المواقف والارتباك يتصرف وفق مصالح مرحلية ومن المعلوم أن الإنسان المصلحجي لا قيمة له حتى عند أصحاب المصالح
أخطر ما في الأمر أن المنافق يعمل بنشاط ظاهري أمام المجتمع و المسؤولين أما إذا ما غابوا فيتكاسل فالذي يشغله رأي الناس والمسؤولين فيه يبرمج حياته على آراء الآخرين النفاق عنده سيد الأخلاق حسب معياره والمقاييس التي يعتمدها
وبارك الله لنا في لغتنا العربية الإسلامية الجميلة وهي تشير إلى أصل كلمة النفاق لنجدها مرتبطة بكلمة النفق الذي تحفره بعض الحيوانات كالفئران والجرذان والأرانب وتجعل له فتحتين أو أكثر فإذا هاجمها عدوها ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى وسمي المنافق لأنه يجعل لنفسه وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يواجهه والأنفاق كما هو معروف يسودها الظلام في أغلب الأحيان ولها أكثر من مخرج يوصل إلى سطح الأرض حيث النور والوضوح ففي الظلام تبيت النوايا ويجهز لها الأقنعة المناسبة لتأدية الأدوار المطلوبة منه بغلاف ناعم أملس ومنها تسليك الأمور وتمرير المصالح لتظهر في الصباح بصورة مخططات الفساد والإضرار بالناس
ولكن تبقى معيار الأخلاق الحميدة صاحب الكفة الأثقل في ميزان التميز والتحضر والتقدم

التعليقات مغلقة.