مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : إني لا أكذب ولكنى أتجمل

8

 

قد يهمك ايضاً:

الحرية المطلقة للأبناء 

أنور ابو الخير يكتب : عندما تسقط الأقنعة

لقد اختيارهم الشعب في يوم من الأيام ليكونوا أمناء على مصالح الشعب و لتشريع القوانين التى تكون في صالحة لتوفير الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية ولكن أصبح مغاير لكل الوعود الانتخابية وإنهم يكذبون على هذا الشعب ويتحرون الكذب بل ويستحلونه حتى فقدت الثقة وآيست النفوس الظامئة من الوعود المتخلفة وأصبح نواب الشعب هو خائنه والضاحك على ذقونه والمتاجر بمعاناته وآلامه ولم يبق أمام هذا الشعب الذي فقد الثقة في ممثليه الذين أساس لهم قياد مصيره إلا أن يأخذ زمام المبادرة الخاصة للدفاع عن حقوقه والمنافحة دون انتظاراته التي ران عليها غبار النسيان وسكت عنها المدافع الشرس في حلبة المزايدات السياسوية والمقايضات البين مصلحية التي تتم على حساب مشاريع الشعب المؤجلة في أكثر من جهة ومدينة وقرية من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال
إن أخطر ما يغيض الشعب ويسقط في يدها ويغلي مرجل الغيظ في صدرها هو الكذب عليها والضحك على ذقونها فما وقع في الحسيمة وزاكورة وجرادة لم يكن أبدا بسبب اختلاسات أو تلاعبات واكبت إنجاز مشاريع أو تقديم خدمات أو استجابة لانتظارات كما اعتاد المصريين أن يتعايشوا مع مسؤولين ينجزون للناس ولكن لا ينسون أنفسهم ولكن الذي أيقظ الشعب اليوم في هذه المواقع هو الشعور بلامبالاة المسؤولين وسخريتهم بأقدار الناس و إغراقهم في الوعود الزائفة وأكثر من كل هذا الكذب عليهم وعدم الصدق معهم في خدمتهم وإنزال المشاريع الاستثمارية على أرضهم
فليس شيء في دنيا الناس أفظع سلوكا وأذقع خطابا وتواصلا من أن يكذب عليك من تتوسم منه حاجتك وتنتظر منه تحقيق مأرب عاجل تتوقف دونه مصالحك المعيشية الآنية ثم يماطلك أو يختبئ عنك أو يعتذر منك في أفضل الأحوال بما لا يصدقه ولدان الناس فضلاً عن كبارهم
فلقد انتشر الكذب في أوساط السياسيين والنقابيين والإعلاميين ودعاة الدفاع عن حقوق المواطنين السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل ملفت وخطير حتى أفقد المواطن الكادح كل ثقة في حكامه ومسؤولي إداراته ومتبني ملفاته الاجتماعية وناشري أخبار بلاده
نعم إنهم يكذبون فيقولون ما لا يفعلون ويدعون ما لا يستطيعون ويتظاهرون بالقدرة على تحقيق المستحيل ويمررون كذباتهم في مجلس الأتباع بكل لباقة وخفة دم حتى إذا وقع ونزل أن اعترض عليهم معترض استنفروا من أتباعهم من يزكي كذبتهم ويحول سقطتهم إلى إنجاز يصفق له بقية الدمى المصففة بدقة في مجلس الزور الذي تشهد عليه نفوس تربت على الخداع والكذب والضحك على ذقون الرعاع من الشعب الكادح المهضوم الحقوق المتلاعب بمصيره من قبل شراذم من عديمي الضمائر والنهى
لقد استشرت آفة الكذب في الأوساط السياسية والاجتماعية وأصبح لها دعاة ومنظرون بل أصبحت لها أخلاقيات تدرس في الجامعات والمعاهد ويؤصل لها الفلاسفة والعلماء ويدعو إليها المتنورون من دعاة الحريات المفتوحة بل ومن منظري السياسة وعلومها حتى ظهر بين الناس ما اصطلح عليه بالكذب السياسي الذي جوزه الكثير من علماء السياسة الغربيين حتى اعتبروا السياسي الداهية هو السياسي الكذاب و نجاح السياسي رهين بقدرته على الكذب على الناس إلى حد اعتبار الحياة بدون كذب لا تطاق وأن الكذب هو البلسم الذي يداوي أمراض الإكراه والضرورة والحزم المبالغ فيه ويجعل الحياة تنطلق من عقالها إلى رحاب الخيال واللاواقع لتبدع بحرية فلا غرو أن يكون أغلب سياسيينا ونقابييناوجمعويينا وحكامنا الذين لم يخضعوا لتكوين في الممارسة السياسية غير هذا التكوين الغربي البراغماتي الميكيافلي المؤسس على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة والذي يجعل من الكذب أداة للتحايل على الناس كذابين بمنطق وعينا الجمعي الذي ينفر من الكذب ويحط من شأن مقترفيه أيا كانت مبررات من يعولم له ويؤصل له القواعد العلمية التي تنزع عنه لبوس الضرر الذي يحيق بالشعوب والمجتمعات
فلا يعقل أن ننهى من يكذب من أجل مصلحة شخصية يقدر أنها لا تتحقق إلا بالكذب على الناس أو من يكذب لأنه لا يعلم سبلا أخرى في سياسة الناس إلا من هذه الطريق أو من يعتقد أن السياسة بالكذب هي السبيل الوحيدة لنجاحه في تنزيل مشاريعه أو من لا يجد أي حرج في الكذب على الناس أو من اتخذ من مصائر الناس والتزاماتهم الأخلاقية وانضباطاتهم الدينية محل السخرية والاستهزاء أو أو
فلا يعقل أن ننهى من هذه صفاته عن اقتراف جريمة الكذب ونطلب منه أن يصدق مع نفسه أولا والناس ثانيا وأخيرا وهو الذي اعتاد أن يقترف في سلوكه الحزبي والنقابي والوظيفي هذه الآفة التي لم يترب على خلافها ولاعرف سواها
إننا لن نكون مبالغين إذا جزمنا أن من أهم الأسباب الثاوية خلف ما تعرفه سياستنا ونقابتنا وجمعياتنا وتعالقاتنا الاجتماعية والعائلية من التدافعات والاندفاعات المقلقة والمقيتة ومن الزبونية والرشوة والظلم راجع بالدرجة الأولى إلى تفشي هذه الآفة التي جاءت كل الأديان السماوية فحاربتها الحرب الضروس وتوعدت متحريها بالفضح في الدنيا وبالعذاب في الآخرة فلا يعقل أن ننجح في بيئة تعتبر الكذب بكل معانيه وأشكاله الكلاسيكية والحداثية وما بعد الحداثية الكذب السياسي من المحرمات التي لا تجوز فنقنع الناس بأن الكذب قيمة معتبرة أو ضرورة في حفظ الاستقرار السياسي، والاجتماعي وتحرير الحياة الاجتماعية من العقد كما يصعب بل يستحيل أن نوجه بوصلة من تأسست قناعاته على أن الكذب السياسي جزء أصيل ومتأصل من الفعل السياسي والبنية السياسية للأنظمة الحاكمة أيا كانت أشكالها استبدادية ديموقراطية اورجعيه نحو الإقلاع عن اقتراف هذه البلوى التي كانت وراء أعظم المصائب والمعاناة التي عرفتها الشعوب عبر التاريخ وازدادت اليوم بعد أن كثر المقترفون لجريمة الاعتداء على السياسة من عديمي الضمير الأخلاقي من قبيلة الشلاهبية والمرتشين ومروجي المخدرات ومبيضي الأموال ومختلسي المال العام
لقد آن الأوان أن تتصالح الأحزاب مع الشعب شعب الوطن لا شعبها الممثل الشرعي والوحيد لغالبية فئات المجتمع في المدن والقرى وهو الشعب الذي فضل أن يبقى بعيدا عن هياكل الأحزاب ومهرجاناتها وانتخاباتها ووعودها واختار لنفسه العزوف عن كل مشاركة حتى يرى وعود حاكميه تلامس واقعه المعاش ويتحسس كرامته فيجد لآدميته اعتبارا ولحياته اهتماما نعم لقد آن الأوان أن نصدق مع هذا الشعب وأن ننزل إلى ساحته ونقاسمه خبزه ومعاناته ونشعره أنه ليس هو الوحيد الذي سيتحمل ثقل القفة و أخطاء الحكومة في تدبير الأزمات بل ثمن الحل سيسحب على الجميع وسيسهم فيه الجميع وسيصطلي بنار نتائجه المرة الجميع كل حسب قدرته وكل حسب موقعه لا فضل لغني على فقير ولا لرئيس على مرؤوس الكل سواسية في تقاسم أعباء الأزمة والكل معني بالتضحية للتخفيف من مخلفاتها والحد من لأوائها
آنئذ فقط ستتفشى الثقة بين الحكام والمحكومين وستقل شكوانا وستنحسر احتجاجاتنا وستجد المتضرر المدقع يصبِر و يصابر و يتحمل لأواء الأزمة و شدة
الحاجة لأنه يعلم أن من يمثلونه ويتولون ملفاته يصدقونه فيما يقولون ولا يكذبون ويوفونه ما يعدون ولا يخونون

التعليقات مغلقة.