مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور أبو الخير يكتب : الثانوية العامة ليست مقياس المستقبل

5

 

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

إن ما نشاهده في هذه الأيام من أحداث ومجريات تطرأ على حياتنا يدفعنا للتفكير بمستقبل الأجيال القادمة الناجحين بالثانوية العامة فالشباب هم رمز الاندفاع والفتوة والتغيير والتجدد
لا تحد آمالهم حدود ولا سقف لطموحاتهم فهم قوة لا يستهان بها وطاقة متجددة تستطيع النهوض بأعظم البلدان وعلى الرغم من تلك الطاقة يواجه الشباب تحديات مستمرة مع وجود المغريات الموجودة في العالم من حوله وأصبح توجيههم قضية ذات مسؤولية كبيرة تحتاج إلى برامج واستراتيجيات مدروسة للاستفادة من طاقة الشباب وطموحهم الذي لا يحده حدود يحلم الشباب دوماً بمستقبل مزدهر وحياة مملوءة بالسعادة ومكانة اجتماعية مرموقةوحالة اقتصادية معقولة لكنه يقابل بواقع صادم يحتاج فيه إلى الاستعداد جيداً لمواجهة مصاعبه في الحياة والتسلح بسلاح العلم والخبرة إلى جانب طموحه ومن هنا يأتي دور الأهل في تفهم طموحات الشاب ورغباته
ودعمه لتحقيقها وتحويل أحلامه إلى حقيقة ملموسة يهنأ بها فكل أب وأم يتمنون مستقبلا جميلا ومفعما بالأمل والتفاؤل لأبنائهم فما يواجهه أفراد المجتمعات في القرن الواحد والعشرين
لازال في بعض الأحيان يكتنفه الغموض فالتغيرات المفاجئة والسريعة تدفع الاباء والأمهات إلى الخوف والقلق على مصير وماهية الحياة التي ستواجه أبنائهم في المستقبل المنظور والبعيد
فقد جبلت نفوسنا على قدر من الخوف والشفقة على مستقبل أبنائنا الذين ندرك أننا حتماً يوماً ما سنفارقهم ونرحل عنهم ونتركهم ونغادرهذه الحياة ومن أجل ذلك يتداعى إلى أذهاننا سريعاً ويملأ خواطرنا دائماً مزيج من الشجون والقلق والفكر والهموم حتى أن القرءان الكريم قد أشار إلى بعض هذا المعنى في أكثر من موضع قول الله سبحانه وتعالى
(( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً ))
فالبحث الدائم عن الضمان المستقبلي هو هاجس فطري من هواجس الأبوة تجاه أبنائهم
ألا ترى كيف أن الطائر يبحث عن العش الآمن لأفراخه؟ والقطة تلوذ بالمكان الخبئ لصغارها؟ بل رأينا حتى السمكة التي تسكن في أعماق المحيطات لا تأمن أن تضع بيضها إلا في قلب صخرة تظل تبحث عن مخارجها ومداخلها خوفاً عليه من الأعداء
وفي خضم ما يجتاح حياتنا من اضمحلال أخلاقي مدمر وتقلبات اقتصادية قاسية تعتريها بين الفينة والأخرى والانعكاسات المريرة لذلك على حياة الشخص وأسرته التي قد يصيبها التفكك والضياع أو أن تتردد بين شظف العيش وشقاء عائلها بحثاً عن الوظيفة فضلاً عن صعوبة احتفاظه بها ورحلة المعاناة بين ضعف أو زوال وفقدان مصادر الدخل
فالعولمة وازدياد البطالة كنتيجة للهزات المتتالية بسبب جائحه كورونا التي ادت الي ضرب الاقتصاد العالمي والذي أسفر عن ارتفاع متطلبات المعيشة وتأخر سن الزواج بالتالي قلة فرص حصول العديد من الشباب والشابات على الوظيفة المناسبة بالرغم من شهاداتهم الجامعية كانت ولازالت من أهم التحديات التي تواجه الملايين في كل أنحاء العالم فالأب والأم يحلمون بأن يحقق أبناؤهم طموحاتهم من غير عائق يمنعهم من ذلك وألا تكون مجرد أحلام تتراكم في رصيد أمنياتهم بلا فائدة ومن غير بصيص أمل أو انجاز ملموس يشعرهم أن أحلامهم ستتحول في يوم ما تلك التحولات الغير متوقعة في العالم من حولنا بين ليلة وضحاها يدعو إلى التفكير الجدي لكل أب وأم وذلك بوضع الخطط المستقبلية لأبنائهم بمشاركة أبنائهم أنفسهم في تصميم تلك الخطط من منطلق التجربة والخبرة الأبوية الكافية والتي يستطيعون معها تحقيق أحلام أبنائهم
فليس من المنطق السليم أن يقف أيا من الوالدين بانتظار معجزة قد تأتي من السماء تنقذهم من الإخفاقات المتلاحقة التي تعرضوا لها هم ذاتهم في وقت سابق
فمن الواجب علينا كاباء وأمهات نزع تلك الهالة القاتمة التي أحاطتنا ساعة أن كنا صغارا في السن فمن الضروري اخذ العبر من تجاربنا التي مررنا بها في حياتنا وتعليم أبنائنا الطريقة المثلى للاستفادة منها وحتى لا تكون فلذات أكبادنا نسخة مكررة من اخفاقات وعثرات واجهتنا في فترة ما من حياتنا
وانطلاقا من ذلك بات على كل ولي أمر أن يكون هو المخطط والمدبرلحياة ومستقبل ابنه وليس بمنأى عن رأي واقتراحات ابنه نفسه بما يفيده ويجعله يقف على قدميه ويؤهله للاعتماد على ذاته وبناء شخصيته المستقلة والتي بالطبع لن تكون تابعة أو خانعة لسلطة أبوية مطلقه لكن المواءمة بين استشارة أسرية وشخصية مؤسسة على الدين والخلق والأدب تدرك أهمية وجود الوالدين في حياتها والتي بلا شك ستدفعها إلى تغيير حياتها نحو الأفضل واستغلال ما بين يديها من مهارات ومواهب وفكر يصب في طريق النجاح والإرتقاء في سلم الحياة مع الاستفادة من تجارب الاباء والأمهات وخبراتهم والتي تضيف إلى مستقبل الابن الشيء الكثير
الشباب يحتاج في فترات من حياته إلى أن ينعزل من أجل أن يتأمل ويعيد ترتيب أوراقه وحساباته حول أفكاره ونفسه والمجتمع ولكن لفترة أو فترات بسيطة فالشباب عليه واجبات ومسئوليات هي أحد مكونات وموارد السعادة والأملفي حياته فعليه أن يذهب لها من أجل الحصول عليها
المهم بعد كل هذه المراحل التي لا تخلو من الشدائد والتجارب رعاية الأمل فهو الشمعة المضيئة لنا والشباب وهو الفراغ المتاح لنا من الكوب الذي به ماء وهو مفتاح السعادة فالسعادة هي البحث عن السعادة لمستقبل أفضل

التعليقات مغلقة.