مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أمنية ….تتحقق

3

بقلم – ميسون السعدي:

قد يهمك ايضاً:

مهرجان دبي للكوميديا 2024 يستضيف مجموعة جديدة من نجوم…

تعاون استثنائي بين “دو” و”شاهد”…

على كومة أحجار محترقة ملوثة بهباب الفحم .. جلستْ تلتقط أنفاسها ولحظات عُمرٍ،
أطال زوجها النظر إليها،
تلك اللحظة، سكينة غمرتها، جعلتها تجلس ساعات طويلة لا تفكر إلا بغصن تلك الشجرة المحروقة،
قصاصة ورق هاربة تلاعب الريح ساخرة،أو طير ينقر القمامة باستغراق بالغ..
يباغت سمعها عويل النساء بين ساعة وأخرى،لا.. لسن النساء فقط، كان الصراخ ممزوجا بعويل أشد لبعض الرجال….
تأرجحت سكينتها، لفت رأسها بإزار أخذته مما تكوم على الأرض، أحكمت تثيبته كي لا تسمع شيئا…
-عدتِ للجلوس ..؟ .. أومأت له بيدها كأنه هو من غطى أذنيه….
– يدكِ ملوثة لا تضعيها في فمك.
– وهل يوجد طعام لأضعه فيه !؟ ….لا تقلق….
مسحت يدها بطرف ثوبها، نظرت إلى ندبة قديمة فيها،تذكرت كم من الخرق القديمة جمعت وفردت ثم أحسنت خياطتها، كي تجد لحافا يغطي زوارهم القادمين من المناطق البعيدة، تسمع همساتهم ، تجاوبهم دون أن تسمع بقية مزاحهم،
– أغطيتنا ثقيلة كي تناموا سريعا ،لا تسمح لكم أن تتململوا تحتها،تعودكم حياة قادمة…
يمازحونها:
– عليكِ بالصوف ..
تجيبهم ضاحكة:
نعم عندما أجده ….
تنقلت بين الركام ، صاح بها أن تحذر السقوط، هزت رأسها، أعلنت له قناعتها لأول مرة من زواج طويل:
– دوما كنت ألتقط ما يسعدني …
ذاك اليوم البعيد، أول سكناهم في المخيم، أوقدت بعض الحطب تصنع الطعام لأصدقاء زوجها بعد الكثير من المفاوضات والجدال معهم كي يستبقيهم، لن تنسى سعادتها حين فقست بيوض الدجاج التي جمعتها من الجيران فتدحرج صفران من إحداها في الزيت ..اعتبرت هذا إشارة لحظ طيب ،
كلما تذكرت …. تبتسم ….نعم سيكون حظي طيبا حتى لو…
أدارت رأسها متشاغلة
– أتبكين؟.
– لا ..
ناولت زوجها أكياس النايلون كي يضع قدميه داخلهما كما كانت تفعل لحماية أحذيتهم من برك الطين،
ردت على استنكاره :
– نعم تستطيع الخروج ونحن محاصرون .
دوما تتحدث عن عرقه ، رصف هو وجيرانهم أغلب شوراع العاصمة ، تنهدت ،
لم يكن بمخيمهم بلاطة في زقاق تلك الأيام، ادخرت تعبه في صرة ، سنوات عديدة تغرسها بين اللحف والفرش في خزانة صنعتها بنفسها من ألواح الخشب المثبتة بين حائطين من لبن وقش،
كلما فردت صرتهما…زادت غرف منزلهم غرفة، امتد في اتجاهات مختلفة، كل امتداد،
هو زواج ولد لها، حاولت دمل قبح المكان وفوضى البناء بالنباتات المتسلقة على النوافذ..
أخيرا، تم لها كل شيء كما ارادت وخططت،حصلت على دالية عنب، ثبتتها في المكان الذي تريد بعد أن استشارت الأولاد والأحفاد، بقي شيء واحد عليها إنجازه، ستقفل الفسحة السماوية ، بواجهة حديد وزجاج، ستصنع منها غرفة لأصغر الأولاد والتتمة معروفة حتى لو اعترض زوجها،
هل كان يملك منزلا حين تزوجا ونزحا من قرية لأخرى حسب مزاج الدول المضيفة….
عبرت فوق حيطان عمرها، إحداها بقي ينتظر الطلاء طويلا، مازالت خزانة اللحف قائمة، يرقات العث تنتعش فيها،الحياة وتدب بها، غزتها السكينة من جديد….
– لا ضيوف بعد اليوم ،الجميع قتل أوهاجر
– لن أصنع لحفا بعد اليوم، لم تعد يداي تقويان على ذلك ..
فركت عيونها ، حدقت ….
في باحة الدار باب حديد ونافذة كبيرة، على ما يبدو غنيمة حرب منسية ، ركضت بين الركام ، حيث يحتمي زوجها من القصف بسقف متصدع،
– سأبني للولدغرفة، ذاك حلمي الأخير،
– هذا سرقته أحدى الفصائل يا امرأة من جارنا، ألا ترين
– نعم عندما يعود ، يكون ابنك قد رزق بأربعة أطفال….
-نعم سأزوجه في قن،أبنة أخي،وقد يحظى ببيضة بصفارين

اترك رد