مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أردوغان مجرم حرب أم وكيل حصري!

3

بقلم – د. مصطفى عبد الرحمن ابوعبده   

باحث فى العلوم السياسية

إن الممارسات والمواقف التى يتبناها النظام التركى بشأن عدد من القضايا العربية تثير الكثير من الجدل حول ماهية ذلك الدور الذى يلعبة ذلك النظام,ولا عجب أن الكثير من الباحثين العرب بدا إعجابهم بالتجربة التركية خاصة عقب ما عرف بالثورات العربية معتبرين أنها نموذج فريد للديموقراطية والاقتصاد الاسلامى ,ولا عجب أن هؤلاء انفسهم من خرج اعلاميا ليتبرأ منها,فخلال الازمات التى لازالت تعانيها المنطقة العربية ظهر جلياً ماهية دور النظام التركى فيها,والذى تمحور بين كونه وكيل حصرى لقوى دولية فى مناطق النزاع الساخنة ,وبين ممارسات النظام التركى وطموحاته الامبراطورية التى إنطوت على جرائم تهدد الانسانية والسلم والأمن الدوليين,ويمكن محاكمته عليها لو كانت الشرعية الدولية ذات فاعلية مؤكدة,وأمام الازمات المتلاحقة فى الداخل والخارج والتى ورط خلالها الجيش ومؤسسات أخرى فى صراع اقليمي لا ناقة ولا جمل للشعب التركى فيها ,صدر النظام شماعات كثيرة لتبرير مواقفة العنترية والتدخلية والاستفزازية ,فمثلا يبرر تدخلة سابقا فى العراق عسكرياتحت دعوى محاربة فلول حزب العمال الكردسانى التركى المعارض,وفى سوريا لاقامة منطقة أمنة,وفى ليبيا لتعيين لحدود البحرية,وتدعيم المنظمات الارهابية المسلحة فى سوريا وليبيا والصومال ودول الخليج تحت دعوى محاربة قوى الكفر ودعم المشروع الاسلامى وغيرها من الحجج الواهية التى يستطيع الكفيف دحضها واثبات أنها ضرب من الزيف وتضليل الشعب التركى والمجتمع الدولى.

فمنذ الوهلة الأولى لانطلاق ما عرف بالثورات العربية رأى نظام اردوغان أنها تمثل فرصة سانحة لتقويض النظام العربى وتحقيق حلم الامبراطورية العثمانية وفرض ولايته عليها من خلال جذب تأييد الحالمين بتكونين خلافة اسلامية على الارض المحروقة التى ستخلفها فوضى تلك الثورات,ومن ثم فقد عملت أجهزة النظام على توريط الجيش ايضا فى تحقيق تلك الاهداف من خلال حشد عكسرى على الحدود السورية,ثم العمل المنظم للاستفادة من الوضع عن طريق تهريب المقاتلين من والى سوريا عبر جوازات مزورة وتسهيل دخول المقاتلين القادمين من دول أوربا واسيا وافريقيا,وممارسة تجارة السلاح بيعاً وشراء,والاستفادة من النفط السورى التى هربة تلك الجماعات من سوريا الى تركيا,وما أن بدا فى الافق التواجد العسكرى الروسى فى سوريا لدعم النظام السورى حتى قدم اردوغان نفسه للولايات المتحدة كوكيل عنها فى الأزمة السورية مساومة على قضاءه على المعارضة الكردية وبخاصة فى القرى الواقعه على الحدود مع تركيا وازاحتها لعدة كيلومترات داخل الاراضى السورية.

وبتكثيف الضربات السورية الروسية للجماعات المقاتلة فى سوريا والمدعومة من تركيا والولايات المتحدة التى وصلت الى حد المناوشات مع الوحدات العسكرية التركية الموجودة فى الاراضى السورية,حاول اردوغان تبرير فشلة بالالتفاف والتدخل فى الشأن الليبى من اجل دعم حكومة السراج الفاقدة للشرعية نتيجة تبعيتها لتركيا  لتحقيق حلم اردوغان,عبر اتفاق غير شرعى لم يعرض على البرلمان ولم يلقى قبول أطياف الشعب الليبى.

ويرغب اردوغان من تدخلة من ليبيا واستغلال مياه شرق المتوسط وثرواتها الى لفت الانتباه عن فشله الذريع فى الداخل من حيث اشتعال المعارضة والشعب التركى ضد سياساته والتى ظرهت جلياً خلال انتخابات البلديات والتى اعقبتها حملات تضييق من النظام على قوى المعارضة,هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فهو يضيق ذرعا بالتقارب المصرى اليونانى القبرصى وبخاصة فيما يتعلق بثروات المتوسط وتعيين الحدود البحرية,ولاسيما أن تركيا تحتل جزيرة قبرص اليونانية منذ السبعينات,كما انه يرغب فى تكوين دولة مواليه له فى ليبيا تكون الانطلاقة للتدخل المباشر فى مصر,اضافة الى النظام الاخوانى فى تونس الذى سمح له باقمة جسر جوى للعبور بالمقاتلين والاسلحة الى ليبيا.

قد يهمك ايضاً:

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

أحمد سلام يكتب يوم أن غاب السادات عن 25 إبريل

ولم تعد تخفى عن الاعين مآرب النظام التركى تجاه الدول العربية ,والتى بدت واضحه فى فى تعميق حدة الخلافات العربية –العربية خلال أزمة قطر,حيث سارع الى اقامة قاعدة عسكرية تركية فى قطر حماية لها من باقى الدول العربية.

كما أن الدور التركى فى افريقيا وبخاصة أن تركيا ترتبط بعلاقات وثيقة مع اسرائيل تتعدى حد التعاون العسكرى والأمنى بل تصل الى درجة التنفيذ الفعلى لمخططات لتغيير المنطقة وتفتيتها ,والتقاء تلك المخططات مع رغبة دول اقليمية فى تقويض قوة مصر الاقليمية من خلال التأثير على ملف سد النهضة الاثيوبى ودعم التعنت الاثيوبى فى هذا الملف .

ويمكن للباحث المدقق فى ملفات الممارسات التركية فيما يتعلق بنقل واستغلال المقاتلين واسرهم سواء السوريين أو الاجانب,ان يتأكد من ارتكاب النظام التركى جرائم دولية مكتملة الاركان توجب محاكمته  لا يتسع المقام لتفصيلها ولكن يمكن اجمالها فى :

1- جرائم الاتجار بالبشر والتى وردت فى الاتفاقيات والبرتكولات الدولية عن الأمم المتحدة لعام 2000,والاتفاقية الأوربية لعام 2005 , ومنظمة الأمن والتعاون الأوربى ,والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2010 وغيرها, وتتمثل تلك الجرائم فى الاستغلال سواء للاطفال والنساء والرجال فى نقل الاعضاء والبغاء, واستغلال الاطفال فى النزاعات المسلحة.

2- جرائم ضد الانسانيةوالتى تمثل خرقا لمبادىء ونصوص القانون الدولى الانسانى تحت سمع وبصر العالم, والتى تتمثل أولها فى القمع الداخلى للمعارضة ,واتباع سياسات ممنهجة للتطهير العرقى للاكراد ,ثم جرائم تتعلق باستقبال وايواء المجرمين والارهاب وجماعات الجريمة المنظمة وتهيئة ملاذ أمن لهم, وعدم الاعتداد بالمادة 88 من البرتوكول الاضافى لاتفقيات جينيف فيما يخص تسليم المجرمين, كما يضاف الى ذلك ما ورد فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبخاصة المواد (4-7 -8 ),والخاصة بحظر الرق والاسعباد والتعذيب والاكراه والتى تمارس وقت النزاعات المسلحة والتى مارسها وطبقها النظام التركى على اللاجئين السوريين, وغيرها من الجرائم.

3- جرائم تهدد السلم والأمن الدوليين, والتى تتعلق بالتهديد باستعمال القوة أو التهديد بها, والجرائم الواقعة على السيادة الوطنية ودعم الجماعات الارهابية ,واثارة النزاعات الاقليمية ,والحروب الاهلية ,وكلها مارسها النظام الترى فى ازمات المنطقة بداية من قبرص وحتى سوريا وليبيا والصومال ودول عربية أخرى.

ومن السابق يتضح لنا جليا مدعى الخدعة التى انبهر بها الكثير وهى امبراطورية اردوغان الوهمية,والوكالة الحصرية له فى تطبيق استراتيجية تفتيت المنطقة كناية عن الولايات المتحدة واسرائيل ومباركة دويلات عربية من قبيل قطر ونظم اخوانية اخرى,ولعل الظرف الآن يقتضى تكاتف دول المغرب العربى وعدم انسياقها وراء الحلم الاردوغانى فى تقويض اسس النظام العربى ,وتعاون مع باقى الدول العربية التى تسعى لدعم ركائز الأمن القومى العربى من اجل استقرار الدول العربية المتأزمة ولا سيما ليبيا وسوريا وغيرها.

 

 

اترك رد