مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

آدم خضر يكتب .. “السيدة الأولى”

36

أيها الكوكب الكبير ولدت بين إرجائك فتاة خلق السلام لأجلها وحرص المناخ على الحفاظ على جمالها ورونقها وهدأت من أجلها رياح الخماسين، وأخشى أن تظن أيها القارئ أنني أرمي إلى امرأة من الجن أو إلى شيء من عالم الخرافات، بل إنني أتحدث عن تلك الفتاة التي جرأ الغرور ومد يده إلى شملنا فبدده وجمعنا ففرقه، ذلك الغرور الذي ما لبث أن تحول إلى أنانية استطاعت أن تقلب الحب حقدا، أتدري عندما يعطيك الله قَنَاطِيرًا من الذهب الخالص وتتركها في بيتك وتمر عليها دائما دون أن تحمد الله على وجودها ثم تعود فتجدها قد سرقت، هذا هو إحساس الفقدان الذي طرأ على قلبي، وأي فقدان يا عزيزي، فليس فقدانا مؤقتا للذاكرة أو سكتة دماغية، بل فقدان من قضيت في عشقها عهدًا طويلا، والآن أصبح أكبر همي في الحياة أن ألقاها، فحدثني من يعرفون مصيرها أنها هاجرت منذ عهدٍ بعيد وأني لن أجد بعد اليوم إليها سبيل، فيا أيها الكوكب المكتظ بأنواع من البشر، هل حدثك القمر عنها يوما؟ فبينها وبينه تشابه وبيني وبينك اتصالٌ ، فقد ينحدر قليل إلى مغربه ويفارقك مؤقتًا، وهي تنحدر إلى مغربها أيضا لكنها فارقتني إلى الأبد، وأنت بالإضافة إلى قمرك تمتلك في عليائك نجوما مبعثرة كأنها ماس يتلألأ وقلائد من جمان، وأنا وحيد فقير لا أمتلك غيرها، فهل لك أن تحدثني عنها وتخبرني أين تقطن ، هل أخبرك القمر عن امرأة جاءت تناجيه فهو ملاذ العاشقين الذين يبحثون عن حريتهم التي فقدوها في دروب الحب نتيجة للغرو والغطرسة ، فإن جائت إليه بدموعها وأحزانها فلا يدعها تمضي إلا وقد طرح فيها شعاع نوره العظيم واستبدله بظلمات قلبها الحزين
أيها الكوكب: أنت تتعافى سريعا من أثر الزلازل والبراكين أما أنا صاحب القلب المسكين فتأثرت بفراقها وبعادها وصارت أوصالي ترتجف من البرد كلما شعرت باليأس وانقطاع الأمل وتحولت حياتي كحياة السناجب داخل جحورها وكلما نظرت إلى صورتها كنت دائما استغرق في التفكير للحظات وأقول لنفسي هل تزوجت؟ تلك الأفكار الكئيبة المثيرة للاشمئزاز التي تشبه في اشمئزازها يوم وصول جورج بوش إلى سدة الحكم وتشبه في كآبتها ليلة سقوط بغداد ، أنا الآن لا أعرف متى ينتهي هذا التفكير الزائد الذي تحل إلى معجزة احتمالية حدوثها هي التي تدفعني في الاستمرار، وقد حدثني الكثير عن ذلك الفتور العاطفي الذي يصيب القلب بعدما يصل إلى مبتغاه، لكنني سرعان ما أنسى هذا الأمر عندما أتذكر عينيها، إنها من العيون تفتن السحرة حتى تبين سذاجتهم، كما أن في سوادهما القدرة على إنارة أي بيت مهما كان مهجورًا، كنت أنظر إلى جبينها وأرى فيه كل معاني الفنون وكأنه خريطة جغرافية لجنان فلسطين، وذلك الجبين الذي لا ينقصه غير حبل من الياقوت الأحمر الذي يتماشى مع بشرتها الوردية، فلا أعتقد أن بعد هذا السحر وهذا الجمال وهذا الإغراء سيوجد ما يدعو إلى الفتور
فيا أيها الكوكب: رفق بحالي لا تجعل علة قلبي تطول وأخبرني بأي مكان حلت بك وأعدها أمامك أن هذا الغرور سيتحول إلى حب أعمى عسى قلبي أن يتعظ من تشتيت الزمان له، فلقد مضى فترة كبيرة كاللص الذي يحاول البحث عن كنز مجهول بنفس فقيرة ونتيجة لهذا سوف يصف الرومانسيون ما أقوله بأنه حب، أما عن الساخرين فسوف يسمونه مأساة، أما بالنسبة لي فأنا أعتبره مزيجا بين الإثنين معًا فأنا لست نادمًا ولا أحمل في صدري شكوى من طريق الشقاء الذي كتبه القدر على قلبي.

التعليقات مغلقة.