مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مأزق

0

بقلم – محمود عودة:
أوشكت الأجازة المدرسية على الرحيل، اقترب هلال العام الدراسي، أعمار الأولاد لا تتوقف وفي كل عام تتزايد المسؤوليات وتكثر الطلبات، مع تعدد المراحل الدراسية من الابتدائي حتى الثانوي، في ضيق وضجر يلعن اليوم الذي أصبح فيه رب أسرة، أحيانا يلوم والدته التي كانت ترفض بشدة تنظيم تناسله فهو وحيدها؛ تريد أكبر عدد من الأحفاد، بينما ينظر إلى لائحة الطلبات المتنوعة، يفرغ جام همومه في محاولة ضبط الحسابات اللوغراتيمية، ابتسم للحظة وهو يتذكر عبارة الطبيب، الأزمة القلبية الخفيفة والمبكرة التي أصابتك هي تحذير من رب العالمين لكي تقلع عن التدخين، وهمس للأول مرة المرض أصبح مجدياً .
بدأ التجول بين المحلات المتنوعة مع زوجته وهي تمسك بيد ولدهما ذو السنوات الخمس، يركز اهتمامه بين قائمة الطلبات والأسعارالمربكة، تتحسس يده نقوده وتدور الهموم برأسه، يكاد يتفجر ويحمر وجهه، ويزدرد لعابه، بينما زوجته ترتعد خوفاً من أصابته بأزمة وهي ترى حالته المضطربة والمقلقة، كلما اشترى جزء من اللائحة حسب ما تبقى معه من النقود، رطوبة الجو الخانقة ترفع درجة تعرقه، بين هنية وأخرى يخلع نظارته الطبية ليمسح زجاجها من أثر الرطوبة، ثم يعيدها ليدقق في القائمة التي لا تنتهي مع قرب انتهاء ما جمعه ووفره منذ شهور تحسبا لهذا اليوم، صرخ ولده لممارسة هواينه كلما كانوا خارج البيت، ضرورة تبوله، تصرفت والدته بسرعة، قبل أن يفقد والده أعصابه المتوترة أصلاًً، فجأة شعر بحاجته للتبول، لعن المرض والأدوية، ولكن لا بد من حل، نظر حوله لا يوجد مكان للتصرف في هكذا حالة، ضغط أعصابه وكتم إحساسه، وقلب نظره إنه في سوق شعبي، لايوجد مولات ولا محلات وجبات سريعة، وجد جسده داخل زقاق ضيق بالكاد يتسع لجسده مكدس بالقمامة والفئران تتراقص بينها، طلب من زوجته أن تقف على مدخل الزقاق أو الزنقة فهو لم يتجاوز طوله المتر، أفرغ مبولته وهو يتنهد براحة جسدية، بينما زوجته تصرخ كفا تسوق اليوم، أجابها: نعم كفا، استنفدت النقود، وأردفت على استحياء زوجته: أنت وولدك تصرفتما أما أنا كل أمنيتي الآن أن أصل البيت …!!! قال الزوج : الحمد لله بقي معي أجرة سيارة تنقلنا بأسرع ما يمكن .

اترك رد