مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

كيف يمكن للدولة أن تواجه عجز الموازنة بآليات مستدامة ؟

0

   بقلم – د  إسلام جمال الدين شوقي

   خــبير اقــتصـــــــــادي

عـضــو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

 

يَحدُثٌ عادةً العجز في موازنة الدولة عندما تزيد النفقات عن الإيرادات، وفي الغالب بيطلق مصطلح الدين العام على العجز في موازنة الدولة إشارةً إلى عجز الإنفاق الحكومي، وعندما تفوق الإيرادات على النفقات ينتج ما يسمى فائض ، وعند حدوث تساوي في جانبي الموازنة أي تساوي النفقات مع الإيرادات يشار إلي بتوازن الموازنة.

وهناك طرق عديدة ممكن أن تلجأ إليها الدولة لتحقيق النمو ومواجهة عجز الموازنة عن طريق الحد من الإنفاق الحكومي، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار من خلال تحسين بيئة الأعمال المالية والإدارية والتشريعية، وتطبيق إجراءات الضبط المالي مما يساعد على المساهمة في توجيه موارد الدولة للإنفاق التنموي بدلاً من خدمة أعباء الدين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال زيادة الموارد الضريبية للدولة من خلال تحسين كفاءة النظم الضريبية وسد منافذ التهرب الضريبي وتحسين أداء الحصيلة الضريبية من بعض الأنشطة بما يساهم في زيادة نسبة الإيردات الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى النسب المتعارف عليها عالميًا بالنسبة للدول النامية والناشئة بنحو 25 %.

كذلك فإن ترشيد دعم المنتجات البترولية واقتصار الدعم على محدودي الدخل في أضيق الحدود ويمكن استبداله تدريجيًا بالدعم النقدي للفئات المستهدفة، ومحاولة السيطرة على معدلات نمو السكان، وإصلاح نظام المعاشات بحيث يضمن الاستدامة المالية وتحسين أحوال أصحاب المعاشات، والعمل على رفع كفاءة نظم إدارة المالية العامة للدولة للسيطرة على عدم تجاوز الاعتمادات المدرجة في الموازنة والتركيز على استخدام موارد الدولة لتحقيق أفضل عائد من الإنفاق الحكومي بحيث ينعكس بشكل مباشر على المواطن في مستوى الخدمات المقدمة لهم.

ويمكن اللجوء إلى مفهوم جوهري يرتبط بالاستدامة؛ وهو ” التمويل المستدام “، الذي يهدف إلى مساعدة المجتمع على تلبية احتياجاته اليومية بشكل أفضل، وضمان قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم أيضًا، كما أنَّ التمويل المستدام يدمج المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة في القرارات التجارية واستراتيجيات الاستثمار، ويغطي العديد من القضايا؛ مثل تغير المناخ والتلوث.

ولعل من أهم أمثلة التمويل المستدام التي يمكن توفيرها من خلال البنوك، وسوق المال- واللذان يمكن من خلالهما لعب دورٍ أساسيَ في حشد التمويل اللازم لدعم التزامات إتفاق باريس المناخي- مفهوم جديد يُطرح؛ وهو “السندات الصفراء” لتمويل الاقتصاد الأصفر، الذي يُعنى بدراسة الطاقة الشمسية وكيفية الاستفادة منها؛ لتحقيق التنمية المستدامة.

ولا شك أن هذه السندات سوف تمثل أهمية كبيرة؛ لأن عائدها سيكون مخصصًا للاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية، وتهدف السندات الصفراء إلى تنويع مصادر التمويل، وتوسيع قاعدة المستثمرين في السوق، وخفض تكلفة التمويل على الأوراق الحكومية، وترسيخ الدور الريادي في تبني سياسات تهدف إلى:

تشجيع الاستثمارات النظيفة.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

توفير التمويل المستدام للمشروعات الصديقة للبيئة.

ترشيد استخدام الموارد الناضبة للحفاظ على الثروات للأجيال القادمة.

التوسع في استخدام مجالات الاقتصاد الأصفر القائم على استخدام الطاقة الشمسية.

 

ومن أهم الأمثلة على ذلك؛ مشروع بنبان لإنتاج الطاقة الشمسية بمصر؛ وهو نموذج رائع لتنسيق الجهود والشراكات، وتعبئة وإدارة التمويل؛ من أجل تحقيق التنمية قام بتمويله مجموعة من شركاء التنمية والقطاع الخاص، ويمثل أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في أفريقيا، وفاز مؤخرًا بجائزة “أفضل مشروع” من قبل مجموعة البنك الدولي.

السندات الخضراء :

تعد” السندات الخضراء” من خيارات التمويل المتاحة للقطاع الخاص، وكيانات القطاع العام الراغبة في دعم الاستثمارات المناخية والبيئية؛ وهي سندات تخصص عوائدها لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة؛ مثل مشروعات الطاقة المتجددة، والأعمال الزراعية، والمنشآت الخضراء، ومشاريع كفاءة استخدام الطاقة.

السندات الزرقاء :

تُستخدم ” السندات الزرقاء ” لتمويل الاقتصاد الأزرق المستدام، أبرزها المبادرة الرائعة التي نفذتها “سيشل” لتمويل التوسّع والتحوّل في مناطقها البحرية المحمية، وتحسين حوكمة مصائد الأسماك ذات الأولوية، وتطوير اقتصادها الأزرق.

ويمكن تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في التنمية المستدامة؛ بتطبيق المبادئ الدولية، والانضمام للمبادرات العالمية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ من أجل التنمية، مع ضرورة إعداد البيئة التشريعية لإصدار السندات الصفراء والخضراء والزرقاء، في ظل التوجه العالمي نحو تلك السندات التي تستهدف تمويل المشروعات صديقة للبيئة.

كذلك، يجب إشراك القطاع الخاص وتحفيز الاستثمارات التي تساهم في تحقيق مستهدفات التنمية بالمشاركة مع الحكومات والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص، وتهيئة مناخ أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي، مع الحرص على تعزيز مبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة في كل قطاعات الدولة، وإصدار قوانين جديدة لتسهيل وتقنين استخدام الآليات المالية المبتكرة، وهو من الأمور الأساسية لتحقيق الشمول المالي وتعزيز نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

اترك رد