مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عبد الرحمن علي البنفلاح: لا تطلبوا عزتكم من خارج إسلامكم 

2

عزة الإسلام

بقلم/ عبد الرحمن علي البنفلاح

بعد عودة المسلمين من إحدى الغزوات شاعت بين المسلمين مقالة سوء قالها رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول، وهي قوله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.. ويقصد بالأذل-قاتله الله- رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأثارت هذه المقالة المسلمين، وجاء عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يستأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ضرب عنق هذا المنافق، فلم يأذن له صلى الله عليه وسلم، بل قال لعمر: بل نحسن صحبته تقديرًا لابنه الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول الذي أسلم وحسن إسلامه، ونزل قوله تعالى ردا على هذا المنافق: «يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون» (المنافقون/8).

إن عزة الإسلام حق لا مرية فيها، أقرها الحق سبحانه وتعالى في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، فمن أراد العزة، فهي في الإسلام ولن يجدها في سواه، فالعزة جميعًا لله تعالى، قال سبحانه: «من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور» (فاطر/10).

لقد أدرك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ذلك حين خطب في الجيش الذاهب إلى ساحة الجهاد، فبين للناس أسباب النصر وأسباب الهزيمة، فقال لهم: أيها الناس إن الله تعالى قد أعزنا بالإسلام، ولو طلبتم العزة في غيره لن يزدكم الله إلا ذلا، واعلموا أنكم إنما تنتصرون على عدوكم بطاعتكم لله تعالى ومعصيتهم له سبحانه، فإذا تساويتم معهم في المعصية كانت الغلبة لهم، فهم أكثر منكم عدة وعددا!

قد يهمك ايضاً:

مفتي الجمهورية يشارك في اجتماعات الدورة 23 لمجلس المجمع…

وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد…

صدقت أيها الفاروق، إن الصراع في حقيقته بين الطاعة لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وسلم) ومعصيتهما، وأي مواجهة بين المسلمين وأعدائهم هي في الواقع مواجهة بين الحق والباطل، فإذا أخلَّ المسلمون بشرط من شروط النصر، وتغيرت نيات المجاهدين، أو عصوا الله تعالى وعصوا رسوله (صلى الله عليه وسلم)، فإن نتيجة المعركة لن تكون في صالحهم، كما حدث في غزوة أحد حين عصى الرماة أوامر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصارمة بألا يغادروا مكانهم فوق الجبل، أو ما حصل يوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم، وظنوا أنهم ينتصرون على عدوهم بكثرة عددهم وعدتهم، ونسوا أن النصر بيد الله تعالى، فهزمهم في بداية الغزوة تأكيدًا واحترامًا للمبدأ الإسلامي القائل «.. وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم» (الأنفال/10).

إن النية إذا شابها شيء من حظوظ النفس أو شيء من الرياء.. جاهدت ليقال مجاهد وقد قيل.. وتصدقت ليقال متصدق وقد قيل، فخذوه إلى النار لأنك لم تعمل لله تعالى، ولكنك عملت لنفسك أو للناس، فخذ أجرك منهم ولا نصيب لك في الآخرة.

إنك لم تحتسب عملك وجهادك لله تعالى، بل لتنال به السمعة والمغنم الدنيوي، فهذا العمل مردود عليك، لأن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك، قال صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) رواه مسلم.

إن الإخلاص في العمل وحسن التأسي برسول الله (صلى الله عليه وسلم) طريق المسلم إلى الجنة، قال صلوات ربي وسلامه عليه: (من قال لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة) الألباني/صحيح الجامع/الحديث صحيح، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن معنى الإخلاص، قال: (أن تحجزك عن محارم الله تعالى).

وبعد، فإن عزة الإسلام نابعة من عزة الله العزيز الحكيم، وهي ثابتة ثبات هذه الصفة لله تعالى، بل هي من تجليات صفة العزيز سبحانه وتعالى، فيا أيها المسلمون إن عزتكم وكرامتكم من عزة إسلامكم فلا تطلبوا عزتكم من خارج إسلامكم.

اترك رد