قالت سهام جودة مدير المكتب الإعلامي لحزب مصر 2000، إنها قرأت المرسوم الصادر عن “أحمد الشرع” أكثر من مرة في محاولة لفهم السبب المقنع الذي قد يدفع رئيسًا مؤقتًا لأن يمسح من الذاكرة الوطنية صفحة مشرّفة من تاريخ بلاده، صفحة سُطرت فيها أنصع البطولات وحققت فيها سوريا أحد أهم إنجازاتها العسكرية في العصر الحديث.
وأضافت “جودة” أن المرسوم رقم 188 لعام 2025، الذي ألغى عطلة حرب أكتوبر المجيدة وعيد الشهداء، لم يكن مجرد تعديل إداري في جدول العطلات الرسمية، بل خطوة تتجاوز الشكل إلى المضمون، إذ تمسّ جوهر الهوية الوطنية السورية، وتحاول إعادة تشكيل الذاكرة الجمعية على نحو يتماهى مع سردية جديدة تُقصي رموز الكفاح والنصر العربي، وتستبدلها بمفاهيم سياسية ضيقة ومناسبات انتقائية.
وأوضحت سهام جودة في تصريح لـها أن يوم السادس من أكتوبر 1973 ليس مجرد تاريخ عسكري، بل هو عنوانٌ لنهضة عربية مؤقتة أشرقت من دمشق والقاهرة معًا، وشهد أول انتصارٍ عربيٍّ حقيقيٍّ على إسرائيل، انتصارًا أعاد الثقة إلى الأمة العربية وأثبت أن الإرادة قادرة على كسر الأسطورة الصهيونية مهما بلغت قوتها. مشيرة إلى أن هذا النصر كان كاملًا حتى لحظة التدخل الأمريكي المباشر، الذي لم يكن عسكريًا بقدر ما كان سياسيًا، عندما فُرض ما عُرف لاحقًا بـ”توازن التفاوض” تحت شعار فضّ الاشتباك.
وأكدت مدير المكتب الإعلامي لـحزب مصر ٢٠٠٠ سهام جودة، علي أن محو ذكرى هذا اليوم من التقويم الرسمي السوري هو جريمة في حق التاريخ والذاكرة الوطنية، وانحراف خطير عن الثوابت القومية، وتماهِ مع المشروع الصهيوني الذي طالما سعى إلى طمس كل ما يرمز إلى المقاومة والانتصار العربي. وقالت إن “الشرع” بهذا القرار لا يمسّ حدثًا عابرًا، بل يعتدي على ركنٍ راسخٍ من وجدان الأمة العربية بأكملها، ويمسّ شعور الفخر الذي جمع العرب يومًا على كلمةٍ واحدةٍ في وجه الاحتلال.
وأضافت “جودة” أن إلغاء عيد الشهداء بالتوازي مع محو عيد النصر في أكتوبر يكشف عن نيةٍ مبيتةٍ لتقليص الرموز الوطنية التي تُذكّر الشعب بتضحياته، واستبدالها برموزٍ جديدة ذات طابع سياسي آني، في محاولة لإعادة تعريف الوطنية السورية على أسس مصطنعة تخدم تصوراتٍ سلطوية وليست تاريخية.
وتابعت: “حين تُحذف الرموز الكبرى من ذاكرة الشعوب، تُفتح الأبواب أمام روايات مزيفة، وتُطمس القيم التي صنعت الكرامة.”
وأشارت إلى أن المرسوم أضاف مناسبتين جديدتين هما “عيد الثورة السورية” في 18 مارس و“عيد التحرير” في 8 ديسمبر، معتبرة أن استحداث رموزٍ جديدة لا يُعيب أي دولة، لكن الخطر يكمن في أن تأتي هذه الرموز على أنقاض رموزٍ خالدةٍ ومجيدةٍ، مثل حرب أكتوبر وعيد الشهداء، مؤكدة أن ذلك لا يعكس تجديدًا للهوية، بل تشويها متعمّدًا لذاكرة النصر واستبدالها بذاكرة صُنعت في أروقة السياسة.
وشدّدت على أن محو انتصار أكتوبر من الذاكرة السورية لا يمسّ سوريا وحدها، بل يطعن في وجدان كل عربيٍّ آمن بأن الدم العربي حين توحّد على جبهة واحدة استطاع أن يُسقط الأسطورة الصهيونية. وأكدت أن هذا اليوم لم يكن مناسبةً محلية، بل لحظةً قوميةً امتزج فيها الدم المصري والسوري على أرض المعركة، وكان عنوانًا لعصرٍ من التلاحم العربي الحقيقي الذي لا يجوز التبرؤ منه أو إسقاطه من السجل الرسمي.
وأضافت “جودة” أن أخطر ما في هذه القرارات هو إعادة تعريف العدو والصديق في الوعي الجمعي؛ إذ حين يتم تجاهل النصر على إسرائيل، يصبح العدو غير محدد، وتُمحى ملامح الصراع التاريخي، فيتحول الثابت الوطني إلى وجهة نظر. وقالت: “من يعبث بالرموز يعبث بالهوية، ومن يمسح النصر يمهّد للهزيمة، ومن يبدّل التاريخ يفقد شرعية المستقبل.”
وأختتمت تصريحها بقولها: إن من يمحُ النصر يفتح الباب للهزيمة، ومن يفرّط في التاريخ يفقد شرعية المستقبل. فالتاريخ لا يُلغى بقرار، ولا تُمحى الذاكرة بمرسوم، لأن الدماء التي سالت في أكتوبر ستظل شاهدة على أن للأمة جذورًا لا تُقتلع.”
